كتاب وقارئ - ارتباكات الهوية

 

قراءة : بتول الطاهر




يلجأ بعض الكُتّاب أحياناً إلى الكتابة بلغة أجنبية غير لغتهم الأم، لكنهم في ذات الوقت يتناولون موضوع ثقافتهم الأصلية كمادة لكتاباتهم ورواياتهم، فنرى خليطاً غريباً من المفاهيم. ولمقالنا هذا قد اخترت كتاباً يتناول هذه القضية، ويتحدث عنها بشكل مفصل ودقيق.

كتاب "ارتباكات الهوية : أسئلة الهوية والاستشراق في الرواية العربية -الفرنكونوفية" لكاتبته "نورة فرج"، قد يبدو الاسم غريباً بعض الشيء، وقد يكون الكتابُ مخصصاً ومنحازاً لفئة معينة من القُراء، ولكنه سيعود بالفائدة على كل من يقرأه.

هو كتابّ نقديّ يضع تحت المجهر أربعَ رواياتَ تشترك بذات الإشكالية، وهي توجه كُتابها -العرب- للكتابة باللغة الفرنسية، وتناول موضوع الشرق والثقافة العربية كمادة لأحداث رواياتهم.

ويجدر بي أن أعرّف بدايةً ببعض المصطلحات التي جائت في الكتاب، ومنها العنوان، فنقصد بالفرنكونوفية: التحدث بلسان فرنسي، وهو ما أشرنا إليه في البداية، حيث جاءت هذه الروايات موجهةً إلى القارئ الفرنسي، بلغة فرنسية، وبمضمون عربي شرقي بحت!

أما الاستشراق فهو التوجه للشرق، دراسته عن كثب، التعرف إلى روحه وأصالته وتراثه، ثم تشكيل صورة عنه.

تعرض الكاتبة في أول الكتاب دوافع الكُتاب الأربعة للكتابة باللغة الفرنسية. ثم تبدأ بالتحدث عن الصورة التي نقلتها تلك الروايات، وكيف صوّرت واقع الشرق، وواقع المجتمعات الشرقية. فتوجّه الكاتبة بدورها تهمتين رئيسيتين لتلك الروايات، جائتا على فصلين:

التهمة الأولى: "السعي لجذب القارئ الفرنسي بتصوير الشرق بصورة غرائبية"، كما قامت بتصويرها تماماً لأساطيرُ الشرقية القديمة، فتراهم يظهرونه بصورة شهوانية تارة، وبصورة دموية وحشية تارة أخرى. وقد ظهر هذا جلياً بلوحات المستشرقين الذين احتوى الكتاب على بعضها، والذين لربما استقوا هذه الرؤية من مثل هكذا روايات، وهكذا تصورات. وهنا تظهر التباسات الهوية لدى المستشرقين، والصورة المشهوّة التي تكونت لديهم عن الشرق.

أما التهمة الثانية فهي "التباسات الهوية في تلك الروايات" أو سعي الكُتّاب الأربعة لعدم توضيح هوية بعض أبطال الروايات، مثل الهوية الوطنية، الهوية الدينية، والهوية الجنسية.

وفي نهاية الأمر.. أرى أن كل ما قيل، يقودنا إلى مكان واحد وهو أن الكاتبَ سفيرٌ في غير قومه، ونائب عن شعبه وهويته، فعليه أن يسعى إلى نقل أفضل صورة.

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا

تعليقات فيسبوك
تعليقات بلوجر