كتاب وقارئ - طعام ..صلاة..حب

 

قراءة : أصالة البطاينة


  " تخيّل أنك تحشر نفسك في علبة هوية تافهة، حين يمكنك عوضاً عن ذلك الشعور بلا تناهيك".
بدءاً بهذا الإقتباس من الكتاب والذي أراه منهج حياة! أبدأ تعريفي بهذه الرواية أو هذه المذكرات، "طعام، صلاة، حب" للكاتبة إليزابيث جيلبرت،هي ليست مجرد حكاية عن امرأة قررت التخلّي عن حياتها لمجرّد أنها أرادت ذلك! بل عن شعورها بالضياع وأنها كانت تتخّذ مساراً قد أدركت أنها لا تريده، وأن هذه الحياة التي تعيشها يومياً ليست التي "تألفها روحها"، لذا تقرّر أنه حان الوقت لتبحث عنها ولتجد نفسها، لتجد نفسها فعلياً.

تبدأ رحلتها في إيطاليا هذا الجزء من الرواية المسؤول عن قسم "طعام" من العنوان، في إيطاليا تغرق المؤلفة في لذات الطعام والمطبخ الإيطالي وتعيش المثل الإيطالي الذي يقول : " li bel far niente " – جمال عدم فعل شيء ! وهي ربّما رحلة شفاء من كل شيء، ومصادقة الذات.
" لا تنسي أبداً أنكِ في يوم من الأيام تعرّفتِ على نفسكِ كصديقة"
تتابع المؤلفة رحلتها وتسعى فيها إلى السيطرة على النفس، في الجزء الثاني وهو في الهند: "صلاة "، لتصل المؤلفة لمرحلة النقاء الروحي، تمارس الزهد، وتجد نفسها دون الانفصال للحظة عن الله. نقرأ في هذا القسم من الرواية أموراً تتعلّق كثيراً في علم النفس، بأسلوب شيّق وجميل. تقول إليزابيث :
 " قال لي أحد النسّاك منذ مدة: مكان استراحة العقل هو القلب، كل ما يسمعه العقل طيلة النهار هو قرع الأجراس والضجيج والجدل، وكل ما يحتاج إليه هو السكون، والمكان الوحيد الذي يجد فيه العقل السلام هو داخل هدوء القلب، ذاك هو المكان الذي تحتاجين الذهاب إليه".
الجزء الأخير من الرواية في بالي- إندونيسيا: " حب"، لتعيش تجربتيها السابقتين مجتمعتين على يد حكيم متمرس"كيتوت"، والذي يجهد في تعليمها شيئاً ضرورياً للاستمرار في الحياة، وهو الابتسام، يقول لها:
" ابتسمي بوجهك، ابتسمي بعقلك، ابتسمي حتى بكبدك! " .

حظيت الرواية بانتشار واسع وقد تم تحويلها إلى فيلم سينمائي من بطولة "جوليا روربرتس"، وهذا لقدرة المؤلفة على تضمين الرواية بأقوال فلاسفة ومتصوفة وعرّافين مناسبة للحال، ومعلومات سياحية ومعرفية.

كما يبرز مقطع من الرواية في أن لكلّ مدينة كلمة خاصة بها، أيضاً بكل إنسان كلمة خاصة به، فتكتشف المؤلفة في نهاية الرواية كلمتها الخاصة، وهي كلمة إيطالية " Attraversiamo " : فلنعبر إلى الجهة الأخرى. :)

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا

تعليقات فيسبوك
تعليقات بلوجر