قلم : مرام أبو عيد
إن اللغة العربية من أفضل السبل لمعرفة شخصية أمتنا وخصائصها، وهي الأداة التي سجلت منذ أبعد العهود أفكارنا وأحاسيسنا. وهي البيئة الفكرية التي نعيش فيها، وحلقة الوصل التي تربط الماضي بالحاضر بالمستقبل.
وقد كانت عبر التاريخ مسايرة لشخصية الأمة العربية، تقوى إذا قويت، وتضعف إذا ضعفت . لذلك فاللغة العربية ربانية التوجه والمصدر، وهي جزء من حياة العالم بكامل أطيافه وأجناسه، و لا يمكن أن نستغني أو نستضعف هذه اللغة، فاللغة العربية تستمد قوتها من القرآن الكريم .
وبذلك تجاوزت اللغة العربية حدود القبيلة والقوم وارتبطت بالإسلام فكانت لغة عقيدته وشريعته وخطابه إلى جميع البشر. وعلى الرغم من عدم فرض اللغة العربية على الشعوب الإسلامية ذات اللغات الأخرى إلا أنها انتشرت بانتشار الإسلام في شتى بقاع الأرض .
إن الإحاطة بمنزلة اللغة العربية ومميزاتها الأساسية التي عملت على قوتها وانتشارها من الصعوبة حصرها، ولكن هناك عدة ميزات جعلتها من اللّغات الفريدة في العالم وضمنت استمراريتها عبر القرون المتتالية ومنها:
ارتبطت اللغة العربية بشعائر الإسلام وعبادته، وغدت جزءًا أساسيًّا من لغة المسلم اليومية، وفي حياة الأمة الإسلامية؛ لأنها ملازمة للفرائض؛ فقد أوجب الإسلام أن تكون إقامة الصلاة وتلاوة القرآن وترتيله، والأذان، ومناسك الحج والدعاء، وسائر الشعائر الدينية، ونحو ذلك باللغة العربية لذلك ارتقت منزلة اللغة العربية عند المسلمين.
ولا تقتصر اللغة العربية على كونها وسيلة تعبير، وإنما تتميز اللغة العربية بأنها ذات مضامين علمية ومنهجية وموضوعية وحضارية، وتميزت في ذلك كله بالبيان والسهولة والوضوح على الرغم مما قد يبدو من صعوبة تعلمها في بادئ الأمر.
هذا وتستطيع التعبير بواسطتها بأقل الكلمات، بدلالات بليغة لا تخل بالمعنى، ولا تُطيل بالسرد. كما أنها تقبل الجديد من المصطلحات، وهذا يجعلها لغة للعلم وليس كما يقول البعض بأنها تصطدم مع التطور التقني وتتعارض معه!
يقول ابن تيمية:
"اعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرًا قويًّا بينًا، ويؤثر أيضًا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق. فخلاصة القول أن اللغة ليست مجرد منهاج للفكر بل هي جزء من تكوين الإنسان والحفاظ على الهوية المستقلة عن غيرها"