إمضاء - مريد البرغوثي..طائر الغربة


إعداد : رولا ابلاسي

 



"علمتني الحياة أن علينا أن نحب الناس بالطريقة التي يحبون أن نحبهم بها"

كيف الحال أصدقائي؟ أتمنى أن يكون الجميع بخير..
إمضائي هذه المرة مختلف قليلاً، ولكنني استمتعت كثيراً بكتابته وأرجو أن تستمتعوا أيضاً بقراءته ^^

من فترة أخبرتني صديقتي بوجود أمسيةٍ شعرية بمناسبة الذكرى الثانية لرحيل رضوى عاشور، وسيقوم زوجها "مريد البرغوثي" وابنها "تميم" بإلقاء قصائد عنها، ومقاطع من كتاباتها، فتحمست جداً وكنت أنتظر ذلك اليوم بفارغ الصبر؛ لأرى هذا الشخص المخضرم الذي عاشر ناجي العلي، محمود درويش وغسان كنفاني على أرض الواقع.. فما أجمله من شعور.

فقررت قبل الذهاب إلى الأمسية أن أقوم بقراءة كتاب لمريد البرغوثي، مع العلم أنني كنت أقرأ له بعض المقتطفات وأستمع لقصائد ابنه تميم، خاصة قصيدة "ستي أم عطا"، أنصحكم بها. ولكني لم أقرأ له كتاباً كاملاً، فقررت قراءة كتاب "رأيت رام الله"، وسبب اختياري له؛ لأنه يتحدث عن حياة مغترب خرج من قريته إلى مصر للدراسة، ولم يتمكن من العودة إلى مدينته رام الله إلا بعد ثلاثين عاماً من التنقل بين المنافي العربية والأوروبية.

من هو مريد البرغوثي ؟؟

مريد الرغوثي شاعروكاتب فلسطيني، ولد في 8 يوليو/تموز 1944، في قرية ديرغسانة قرب رام الله في الضفة الغربية. تلقى تعليمه في مدرسة رام الله الثانوية، وسافر إلى مصر عام 1963؛ حيث التحق بجامعة القاهرة، وتخرج من قسم اللغة الإنجليزية وآدابها في 1967، وهو العام الذي دخلت فيه قوات الاحتلال الضفة الغربية، ومنعت الفلسطينيين الذين تصادف وجودهم خارج البلاد من العودة إليها. وعن هذه الحادثة كتب مريد البرغوثي "نجحت في الحصول على شهادة تخرّجي، وفشلتُ في العثور على حائط أعلِّق عليه شهادتي".

وبالنسبة لحياته الزوجية فقد بدأ اللقاء الأول على درج جامعة القاهرة، حيث كان يلقي على أصدقائه أحد قصائده، مما أثار انتباه رضوى، وشعرت بكلماته تخترقها، فتكون بداية قصة حب استمرت 45 عاماً. تزوج مريد البرغوثي رضوى عاشور وهي روائية مصرية، وأستاذة الأدب الإنجليزي في جامعة عين شمس في القاهرة، بعد أن رفض أهلها الزواج بالشاب الفلسطيني، ومن هنا بدأت التحديات والصعوبات في حياتهما، ومن شدة حبه لها أصبح قلبها وطنه بعد الشتات، (وقد رأيت في عينيه حبه لها وحزنه على فراقها، في الوقت الذي عُرضت فيه صورها -رحمها الله- في الأمسية) وقد أنجبا طفلهما الوحيد تميم بعد 7 سنين من زواجهما.

تربية تميم

هناك جانب مهم من جوانب حياة ابنهم تميم أعجبني جداً، وهو تربيته في مناخ دافئ، والإصرار على تعليمه في بلد عربي، رغم أنه تم ترحيل أبيه من مصر، عندما كان عمره فقط خمسة أشهر، وظل ممنوعاً من الدخول إلى مصر مدة سبع عشرة سنة، مما أحدث تشتيتاً للأسرة، لكن حرص مريد ورضوى طوال مدة ترحيله على خلق علاقة متينة، ومساعدته للتخلص من الشعور بأنه طفل سيء الحظ، وذلك عن طريق الهاتف والزيارات المستمرة التي كانا يقومان بهما إلى المجر منذ ترحيله في 1977 حتى أصبح شاباً في الثانوية العامة.

وقد أثار انتباهي معرفته العميقة ببلدته "دارغسانة"، وقصص المضافة وأخبار العجائز من رجالها ونسائها، حتى عن شجرة التين التي قطعتها زوجة عم أبيه، وأحاديث "ستي أم عطا". وبعدها أصبحت أشعر بالمسؤؤلية الكبيرة عندما تخيلت أحد أبنائي يسألني أن أحدثه عن بلده! وهنا لا أقصد فلسطين عامة، وإنما البلدة الأصل، حدثت نفسي ماذا سأقول له عن بلدتي وأنا لم أرها ولم أزرها؟ فأخدت قراراً أنه من واجبي اتجاه بلدتي وأطفالي -وهو أقل ما يمكن فعله- أن أجمع صوراً وأحداثاً وقصصاً حصلت هناك، وأعرف أهم المعالم التي تميزها وأجمعها في كتاب وأقدمها لهم.

أعماله


بالعودة مرة أخرى لمريد البرغوثي لأحدثكم عن أعماله:
له اثنتا عشرة مجموعة شعرية منها: طال الشتات، الأرض تنشر أسرارها وغيرها، وقد ترجمت أشعاره إلى عدة لغات كالإنجليزية والفرنسية والإيطالية. وله أيضا كتابان نثريّان وهما: رأيت رام الله، ولدت هناك..ولدت هنا، وفي عام 1997 حاز كتابه رأيت رام الله على جائزة نجيب محفوظ للآداب، وهو يعتبر من أكثر الأعمال المشهورة له. و شارك أيضا ً في عدد كبير من اللقاءات الشعرية ومعارض الكتب الكبرى في العالم.

في كتاب "رأيت رام الله" توجد العديد من العبارات التي استوقفتني طويلاً وأحببت مشاركتها معكم:
"خلَص! الاحتلال الطويل خلق منا أجيالاً عليها أن تحب الحبيب المجهول، النائي، العسير، المحاط بالحراسة، وبالأسوار، وبالرؤوس النووية، وبالرعب الأملس. الاحتلال الطويل استطاع أن يحوّلنا من أبناء فلسطين إلى أبناء فكرة فلسطين "
" لا يعرف العالم من القدس إلا قوة الرمز، قبة الصخرة تحديداً هي التي تراها العين فترى القدس وتكتفي..القدس الديانات، القدس السياسة، القدس الصراع، هي قدس العالم. لكن العالم ليس معنياً بقدسنا، قدس الناس"
وفي الختام أتمنى أن إمضائي قد نال إعجابكم وأثار اهتمامكم للتعرف أكثر على حياة مريد البرغوثي وأعماله الرائعة. وأنصحكم بقراءة كتابه رأيت رام الله والإبحار فيه بكثير من التأمل والتفكير,. وتأكدوا أيها الأصدقاء أن اختياركم لقضاء بعض الوقت مع هذا الكتاب سيكون أحد القرارات التي ستشكروا أنفسكم على اتخاذها. ولا تنسوا أن تخبروا أطفالكم دائماً عن أوطانهم حتى لو لم يعيشوا فيها.

إلى اللقاء في إمضاء جديد، لكم كل الحب ^^

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا

تعليقات فيسبوك
تعليقات بلوجر