بأقلامكم - في عيد ميلادها


محمد بتش مسعود /الجزائر





الجوّ رائع هذا اليوم، شعور غريب بالسعادة ينتابني، اليوم عيد ميلاد أمّي.

جلستُ إلى مكتبي، قلمي المنهك أصبح نشيطاً، كتبتُ تاريخ اليوم..أمّاه..سأمحي من أوراقي كلّ ذكرياتي، سأجعل كلّ مساحات دفاتري بيضاء لكِ، سأنسى كلّ أحلامي الجميلة وكلّ ذكرياتي، لأتذكـّر عطفك ورعايتك، قطرات من صدرك الحنون تُنسيني طفولتي وفتوتي وشبابي، تمنعني من الرحيل عنك، تُجبرني للبقاء خادماً لكِ، تقتلني إن قلت لكِ يوماً أفٍ.

بكل البحور سأنظم عنك أحلى القوافي، بكلّ البديع سأنثر أجمل الأفكار، بكلّ الاتجاهات سأرسمك بأحلى الألوان، سأعزف بأحلى الألحان أروع السمفونيات لأجلكِ، ستُبحر كل مراكب احترامي صوب موانئك، سأنكس أعلامي إجلالاً لكِ وأرفع رايات الاستسلام أمامك، سأكتب عن عطفك ورعايتك بأروع الخطوط، وأهمس رافعاً صوتي بكلّ اللغات...أمـّاه .

ثنيتُ الورقة، ووضعتها داخل جيبي الضيق الذي بدا متـّسعاً هذه المرة، كنت أفكـّر في نوع الهدية...آهٍ تذكـّرت، الزهور البريّة، خرجت مسرعاً إلى الحقول، سأجمع باقة مختلفة ألوانها، ممزوجة بعناء بحثي وتعبي، الباقة تحوي صنوفاً من الروائح والألوان، ربطتها وقفلت عائداً إلى البيت، حين دخلتُ كان صوتي أسبق منّي..

"أمّي..أمّي"
"ماذا حدث ياولدي؟"
"أتدرين بما يذكرك هذا اليوم؟"
أطرقتْ رأسها تفكر..لقد تذكّرتْ..إنه عيد ميلادها
"إيه..ياولدي..الظروف أنستني..لقد كبرتُ"

قدّمتُ لها الهدية المزهرة، طبعتُ قبلة على يدها النحيلة، إنه مشهد لخادم يقبّل يد أميرته، ابتسمت، قبّلتني، وودعت لي بالخير، أحسستُ بالسعادة العارمة تغمر جوارحي، أنني أسعد مخلوق، خرجت ُوأنا أردّد في أعماقي..إنّي أسعد مخلوق..إنّي أسعد مخلوق.

التدوينات المنشورة في قسم <بأقلامكم> لا تعبر بالضرورة عن زيزفون 

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا

تعليقات فيسبوك
تعليقات بلوجر