بأقلامكم - أنا والناس

 

عبير البياري



لما تشوف هالصورة رح تنبسط وتتذكر أصحابك اللي بتحبهم، ورح ترجع بشريط الذكريات لطفولتك، واللي كانوا هما جزء منها، رح تتذكر ضحكاتكم وألعابكم وحتى مشاغباتكم، يمكن سألت حالك شو قصة هالصورة؟ وشو سر هالبسمة المرسومة ع وجوههم؟ هالصورة قصتها بسيطة بس حلوة كتير.

مرة من المرات وأنا عم بتصفح أحد المواقع الإجتماعية كانت أول صورة وقعت تحت أنظاري لطفلين مبتسمين، بيحكوا عن صداقتهم وعن قصة تعارفهم، سألهم المصور: "كيف صرتو أصحاب؟" و كان جواب واحد منهم "مرة وقع دفتره و قلمه من شنطته فجبتلو اياهم وقلتله: شاطر شنطتك مفتوحة، وهيك صرنا صحاب". هاي هي قصتهم، ببساطة جمعتهم المحبة وأنبنت صداقتهم على الثقة، و بالرغم من صغر سنهم إلا أنهم علموني الأمانة ومعنى الخير (صادِقْ صَديقاً صَادِقَاً في صِدْقِهِ فَصِدْقُ الصَدْاقَةَ في صَديقٍ صَادِقِ) و بالمناسبة هاد البيت حفظتو بعد عناء شديد من صديقتي اللي كتبتلي إياه على كتابي العربي، واللي كان مرشوم بكتاباتها و مواهبها العظيمة.. وفهمكم كفاية!

المهم..هالصورة كانت منشورة على أحد صفحات الفيسبوك، ولفت انتباهي مواضيع الصفحة وهدفها، هالصفحة كانت عبارة عن مشروع صغيراسمه "ناس عمان" وهي موجودة عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك و تويتر، بتوثق يوميات المدينة وحياة ناسها، بيديرها فريق كامل من المصورين الشباب، اللي هدفهم يسمعوا الناس و يآنسوا وحدتهم، يسلوهم و يشاركوهم همومهم، ومستوحاة من أحد الصفحات الأمريكية في مدينة نيويورك، عجبتني الفكرة و حبيت أشاركم بعض القصص اللي قرأتها أو اللي صارت معي، منها الطريف كان أو الحزين، ومنها الغريب بس مفيد.

و لأنو حلو كتير أنك تسمع الناس، كبار كانوا أو صغار تعال معاي شوي، وتخيل إنك ماشي بشوارع مدينتك، بحارتك، عدوامك رايح، أو راجع على بيتك، الصبح وأنت طالع تجيب فطور لعيلتك وحامل ربطة الخبز بإيدك، أو حتى وأنت عم تدور وتكزدر بسيارتك، وقف شوي وخلي الصورة اللي عم تشوفها من حواليك توقف..شوف الناس، اطلع على وجوهم، ركز بعيونهم، حتلاقي قصصهم المكتوبة على جبينهم واللي راسمة ملامحهم، شوف الكبير والصغير، حتلاقي كل واحد حامل روايته اللي انكتبت بدفتر حياته على مر الأيام الي مضت من عمره. ركز على البيت المهجور من بعيد، مين اللي عمره؟ وليش صار مهجور؟ هالبيت انبنى بسواعد الناس وعرق جبينهم، ولما خلي هالبيت و تركوه صاحبه، خلص عمره وصار مهجور من الناس، كمان هيك الحياة مش حلوة بدون الناس، والجنة من دون ناس ما بتنداس.

ركز كمان و اطلع حواليك منيح اطلع عراس الشارع من بعيد، شوف الولاد الصغار اللي بيلعبوا، حتلاحظ إنهم محاطين بهالة كبيرة منسوجة من البساطة والبراءة، والشغب و المرح، قرب شوي رح تسمع صوت.. صوت نابع من قلوبهم، بيعزف لحن من أصوات ضحكاتهم و صريخهم و ضجيجهم اللي باسطهم و زاعج الجيران. وهلا قرب أكتر جرب أحكي معهم، اسألهم عن ألعابهم و هواياتهم، خليهم يحكولك عن أحلامهم البسيطة، وقتها رح تعرف شو يعني حياة، وتتعلم أنك تعيش كل يوم بيومه و كل ساعة بساعتها، من غير ما تفكر ولا تقلق ببكرا، ورح تدرك أنه في كتير من القصص التايهة و المنسية اللي بتحتاج مين يسمعها قصص رح تفرحك و تنسيك همومك. وهلا خلي الصورة إللي وقفتها تتحرك.
هاي هي قصتي مع الناس..بحب أمشي بالشوارع وأسمع قصصهم وأشاركهم همومهم.

التدوينات المنشورة في قسم "بأقلامكم" لا تعبر بالضرورة عن زيزفون

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا

تعليقات فيسبوك
تعليقات بلوجر